أطلع تحالف السودان التأسيسي على التغريدة الأخيرة التي نشرها المبعوث الشخصي للأمم المتحدة إلى السودان، والتي أشار فيها إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يرحب بما يسمى “خارطة الطريق” التي أعلنتها “حكومة السودان” المزعومة. إذا تأكد هذا الموقف، فإنه يشكل دلالة واضحة ومقلقة على الانحياز المتزايد للمبعوث الخاص للأمم المتحدة في الصراع السوداني.
إن تأييد الأمم المتحدة لمبادرة أحادية الجانب من طرف واحد في النزاع (القوات المسلحة السودانية)، بدلاً من تعزيز عملية شاملة ومحايدة، يعرض مصداقيتها كوسيط محايد للخطر. ويؤكد هذا التطور المخاوف المتزايدة بشأن انحياز المبعوث الخاص للأمم المتحدة، مما يثير شكوكاً جدية حول قدرته على أداء دوره كميسر محايد.
إن هذا الموقف مقلق للغاية بالنظر إلى أن ما يسمى بـ”الحكومة” في بورتسودان ليست شرعية ولا تمثل القوى السياسية والاجتماعية المتنوعة داخل البلاد. فهي مجرد فصيل صعّد العنف، وارتكب الفظائع، ورفض باستمرار أي مفاوضات جادة. إن قيام الأمم المتحدة بمنح هذه الجهة شرعية ضمنية لمبادرتها الأحادية، مع دعوتها جميع السودانيين إلى “إثرائها”، يعد تخلِّياً عن أبسط مبادئ حل النزاعات—العدالة، والشمولية، واحترام الحقائق على الأرض.
علاوة على ذلك، فإن هذا التطور يكشف فشل المبعوث الشخصي للأمم المتحدة إلى السودان، الذي بات يظهر انحيازاً متزايداً في تعاملاته، حيث انحرف عن دوره كوسيط محايد واصطف إلى جانب أحد أطراف النزاع. إن أفعاله، إلى جانب البيان المنسوب إلى الأمين العام، تجعله غير مؤهل للاستمرار في دوره كميسر محايد. ولا يمكن للشعوب السودانية، لا سيما تلك التي تعرضت تاريخياً للتهميش والاضطهاد، أن يثقوا في عملية يتم توجيهها بشكل واضح لصالح طرف واحد.
إذا كانت الأمم المتحدة، وكذلك السعودية وقطر وتركيا والكويت، التي أبدت مؤخراً دعمها لبورتسودان، جادة في تسهيل عملية السلام في السودان، فعليها تصحيح هذا الانحياز الخطير من خلال الدعوة إلى حوار شامل وتمثيلي حقيقي. وبدلاً من إضفاء الشرعية على مجموعة إقصائية، لا تؤمن إلا بالعنف، يجب أن يكون التركيز على تعزيز عملية تعكس بحق الواقع السياسي والاجتماعي المتنوع في السودان. إن الشعوب السودانية تستحق عملية قائمة على العدالة والإنصاف والمصالحة الحقيقية—وليس محاولة مفروضة خارجياً لإعادة فرض هيمنة نموذج دولة فاشل وقمعي.
إن تحالف السودان التأسيسي يرفض أي محاولة لتقييد إرادة السودانيين أو فرض حلول لا تنبع من الواقع الحقيقي للأزمة. ويجب أن يكون الحل المستدام للأزمة السودانية شاملاً، يعترف بجميع القوى الفاعلة، ويضمن العدالة لكافة مكونات السودان، بعيداً عن أي تدخلات خارجية منحازة. ويدعو التحالف جميع الأطراف الدولية، بما في ذلك السعودية وقطر وتركيا والكويت، إلى الالتزام بمبادئ القانون الدولي، والاعتراف بحقوق جميع السودانيين في تقرير مصيرهم، دون انحياز أو تدخل يهدد العدالة والحرية والاستقرار في السودان.
تحالف السودان التأسيسي
2 مارس، 2025