إعلان حكومة “تأسيس” الأيام الماضية، أحدث تحولاً في طبيعة الأزمة السودانية والحرب التي بدأت في الخامس عشر من أبريل 2023، حيث يرى خبراء أن حكومة “تأسيس” ستكون المفاوض الشرعي في مواجهة حكومة بورتسودان، وهذا ما أشار إليه القيادي بتحالف السودان التأسيسي”سليمان صندل”، خطوات “الرباعية” المقدر لها الجلوس لحل الأزمة السودانية”، يعول عليها السودانيون لحل الأزمة، وجرى مؤخرًا توسيع اللجنة الرباعية الدولية المهتمة بمعالحة ازمة الحرب في السودان والتي ينتظر أن تعقد اجتماع بنهاية الشهر الجاري باضافة دولتين مهمتين وفاعلتين بريطانيا وقطر للرباعية.
يشدد الموقف الأميركي الى ضرورة وقف القتال الدائر في السودان
وبحسب مراقبون فان الخطوة تاتي في إطار جدية أطراف الرباعية في انهاء الحرب السودانية المدمرة فضلًا عن إستباق وصول الأزمة بالبلاد الى التفتيت والقسيم، خاصة وأن كبير مستشاري الرئيس دونالد ترمب لشؤون أفريقيا مسعد بولس، شدّد في أكثر من تصريح على أهمية الحل السلمي في السودان، مبرزاً الموقف الأميركي في رسم خريطة لوقف القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ومؤكداً أن واشنطن على تواصل مع طرفي الحرب بشكل مباشر أو غير مباشر.
إضافة قطر وبريطانيا إلى الرباعية
ويقول الخبير عاطف ضي النور ان توسيع الرباعية بإضافة الدوحة ولندن لم يكن عملًا اعتباطيٍا كما يظن البعض ، وانما اتى ليدلل على جدية المجتمع الدولى في إتخاذ حل يعالج الأزمة السودانية بإضافة اطراف مقبولة لها مقبوليتها ونفوذها في الداخل السوداني، ويتفق المحلل السياسي محمد موسى يوسف بأن بريطانيا تعتبر ماسك القلم الدبلوماسي بالنسبة للسودان وهي التي تقترح المشاريع المتعلقة به في مجلس الامن عدا ما يربطها بالسودان واطرافه السياسية من علاقات وثيقة ممتدة في عمق تاريخ البلاد الحديث منذ الحقبة الكولونيالية وحتى اليوم، اما قطر فلا يخفي تاثيرها الكبير في السودان من خلال علاقاتها الوثيقة بتياراته الإسلامية المتشددة منها والمعتدلة حد سواء ، وذلك ربما مثل مدخل اولي لاضافة دولة قطر فضلا عن تاريخها في عقد المصالحات بين الحكومة والمتمردين في دارفور فيما عرف بوثيقة الدوحة ورعايتها لها حتى اليوم! بما يجعل لها اثرا ايجابيا كبيرا باضافتها الي الرباعية المكونة من امريكا والسعودية ومصر والامارات!
اعتبر موسى ان توسيع الرباعية فضلًا عما تعنيه الإضافة من توجه ايجابي جاد نحو حل ومعالجة الازمة السودانية الا انها تعكس جدية الادارة الامريكية هذه المرة في انهاء الحرب بالسودان حتى اذا استدعى الامر الي تجاوز اطرافها الداخلية! وذلك يكشف اهمية توسيع الرباعية التي مكونة اصلا من دول ذات مصالح وارتباطات استراتيجية بالداخل السوداني بما يتيح معرفة واستصحاب آراء جميع الأطراف حتى وان لم يكون ذلك بطريقة مباشرة وانما عبر وسطاء مرضيين كهذه الدول بما يضمن رضاء الجميع من خلال ما لها من تاثير كبير على الاطراف واصحاب المصلحة والتيارات المتنوعة بالبلاد ! وهو ما يشير الي ربما يأس المجتمع الدولى من تعنت وتمترس البرهان ورهطه واصراره على مسار الحرب! بما ألجأ المجتمع الدولي الي الإستعانة بدول لها تاثير كبير على قراره وتليين رأيه مثل قطر التي ربما مارست نفوذها على التيار الاسلامي الذي يتحكم في مفاصل الجيش ويعمل على عرقلة مساعي السلام بالبلاد! وهي دول لا ترفض طلبا لامريكا التي فيما يبدو انها عازمة على ايقاف الحرب بموافقة الاطراف او بالضغط عليهم من خلال حلفائهم في المنطقة!
ويرى المراقبون ان توسيع الرباعية بالحاق بريطانيا وقطر يمثل العنوان الابرز لجدية امريكا في المضي نحو إيجاد حل سريع لايقاف الحرب بالبلاد، وهو إختراق إيجابي في توحيد آراء اكثر الدول ذات التأثير على السودان حتى في استطالة امد الحرب نتيجة لتضارب مصالحها وتقاطعها في السودان بما عده كثيرون اختراق ايجابي كبير ان تعمل امريكا اولا على توحيد جهود وآراء هذه الدول مجتمعة وتصويبها نحو ايقاف الحرب في السودان!
في التاسع والعشرون سينعقد بالعاصمة الأمريكية نيويورك الاجتماع السداسي بعد انضمام بريطانيا وقطر لبحث تطورات أزمة الحرب في السودان وتداعياتها لبحث سبل الحل وايقاف نزيف الدعم، ليبقى السؤال .. هل تفلح السداسية في وضع نواة لطي حرب السودان التي تطاولت؟
وعود ترامب الإنتخابية
الباحث السياسي صلاح شعيب ذهب إلى أن قيادة واشنطن لإجتماع الرباعية التي تضم بجانب الولايات المتحدة كلاً من مصر، والسعودية، والإمارات، تأتي في ظروف تأخذ في الحسبان سياق الرغبات التي يريد ترمب تحقيقها في ولايته الأخيرة، فهو منذ حملته الإنتخابية طرح مبدأ جديداً لانكفاء أمريكا على داخلها، تطويراً لمبدأ الانعزالية الذي عرضه من قبل الرئيس مونرو. ولكن ترمب شأنه مثل الرؤساء الأميركيين يريد أن يكون مبدأه قادراً على التركيز على إصلاح بلاده بالداخل عبر توظيف دعمها الخارجي المهدر من أجل النهوض الإقتصادي، من جهة، والمساهمة من جهة أخرى في حلحلة النزاعات الخارجية بصورة أقل تركيزاً من ممارسات الإدارات الأميركية، والتي كانت تلقي بكل ثقل جهودها في الشأن الدولي بما سبب ذلك من إرهاق مالي ومعنوي للمساعي الإمبريالية الأميريكية.
ويمضي شعيب إلى إن هذا الاعتماد على الدول المشتركة في اجتماع الثامن والعشرين في العاصمة الأميريكية المعني بالسودان أمله تعاون الولايات المتحدة مع حلفائها الأساسيين في المنطقة للدفاع عن مصالحها بما لا يتقاطع مع المصالح العليا لواشنطن. ونعتقد أن أمر اتفاق الرباعية لن يكون سهلاً في ما يتعلق بمستقبل السودان. ذلك في ظل مواقف هذه البلدان السياسية والاقتصادية والأمنية المتناقضة إزاء الحرب، وما تنتهي إليه من خلاصة قد تضمن مصالحها، أو لا تضمن. وكذلك لا بد أن نأخذ في الحسبان اتفاق الدوائر المؤثرة في الولايات المتحدة على المستوى التشريعي والإعلامي، خصوصاً، والتي أحيانا قد تتقاطع رؤاها الإستراتيجية مع الموقف العام للإدارة الأميركية. ذلك برغم أن المؤمل فيه أن صاحب البيت الأبيض كما دلت التجارب سيخلق دائماً انحيازه الأخير، سواء توافق مع رؤى خبراء المجتمع، أو تعارض مع مواقف خبراء، وسفراء سابقين في الخارجية الاميركية ينتمون للحزب المعارض.
وأكد أكثر من مصدر وفق المعلومات المتاحة، أنه «من غير المتوقع أن يشارك طرفا القتال في الإجتماع، بأي صيغة مباشرة أو غير مباشرة، كما تغيب عنه القوى المدنية الموالية لمعسكر السلطة، والكتل السياسية الأخرى المناهضة للحرب». وقالت مصادر سياسية سودانية، إنه يمكن وصف اجتماع واشنطن المرتقب بــ«الاستكشافي، الهدف منه تبادل الأفكار بين الإدراة الأميركية والدول الثلاث السعودية والإمارات ومصر، بشأن رؤيتها للتعامل مع الصراع السوداني».
وأضافت المصادر أنه “من السابق لأوانه الحديث عن أي نتائج حاسمة يمكن أن يتوصل إليها الاجتماع، لكنه من دون شك سيخاطب شواغل وهواجس مشروعة لدول الإقليم من تداعيات إطالة أمد الحرب، وفي الوقت نفسه قد تتضمن مخرجاته رسائل صريحة وقوية دون مواربة، ترسم ملامح خريطة الطريق لوقفها”